ذاع انتشار الإنترنت في شتى أرجاء العالم، وباتت الإنترنت أضخم صندوق معرفي يحمل لنا أي معلومة عن أي بقعة على الأرض وبأي لغة شاء مستخدمها! وبمثل انتشار الإنترنت بين كافة فئات البشر، انتشرت البرامج الناطقة التي تخدم المكفوفين بنفس الدرجة ونفس ذيوع الصيط بين المكفوفين أنفسهم، ذلك لأن البرامج الناطقة بالنسبة للكفيف لا تمثل رفاهية تقنية وإنما تمثل حاجة ملحة وقد تمثل ضرورة عند البعض. وبعد توفر برامج قراءة الشاشة بين يدي المكفوفين صارت الإنترنت ملجأهم الأول، يستخدمونها وتخدمهم بحسب احتياجاته/ن وإليكم بعض مميزات الإنترنت التي يستفيد منها المكفوفين:
قراءة الجرائد اليومية والمجلات
كان حلم كل كفيف محب للقراءة أن يطالع الجرائد اليومية والمجلات وقتما شاء وأينما شاء وبالطريقة التي تريحه، ولكن كيف كان يتسنى له ذلك، فإن استأجر مرافقا فإن للمرافق أوقاتا محددة يقضيها معه لمصاحبته في الطرقات ولقراءة ما تيسر من أجله؟ وكيف يتخلى المرافق عن طموحاته وآماله ويتحد قلبا وقالبا مع الكفيف؟ وكيف كان للكفيف أن يصرف مبالغ طائلة على مرافقه وهو لا يتمتع إلا بدخل قد يقل عن أقرانه المبصرون؟ هل طريقة برايل كانت حلا مثاليا؟ بالطبع لا! فالطباعة البارزة تتكلف أضعاف ثمن تكلفة الطباعة العادية، ذلك لأنها تطبع على ورق مثقول، والأخرى تطبع على ورق رديء للغاية، لأنها بعد ما يقل عن 24 ساعة سيكون مآلها القمامة، فهي جرائد لا تحمل إلا أخبارا يومية لا حاجة لأغلب القراء بها بعد قراءتها مرة واحدة، فلا داعي للإسراف في طباعتها على ورق فاخر، أو مثقول كالذي تحتاجه الطباعة البارزة، ناهيك عن قلة عدد القراء المكفوفون لطريقة برايل فهي قاصرة على المكفوفون منذ الصغر، فماذا يفعل فاقدي البصر؟ وماذا يفعل كبار السن المكفوفين عند قراءة الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية؟
لم تكن المطابع التي تقوم بطباعة الكتب والمجلات بطريقة برايل في حاجة لنشر أكثر من مجلة أو اثنتين شهريا أو كل شهرين لكي تلبي الشيء اليسير من رغبة المكفوفين المتنامية في القراءة، فقام المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين في القاهرة بتولي نشر مجلتين إحداهما للأطفال بعنوان: دنيا الأطفال، وهي مجلة شهرية، والأخرى مجلة عامة بعنوان: المصباح، وهي مجلة ثقافية اجتماعية تصدر كل شهرين! كما قامت مطابع خادم الحرمين الشريفين بتولي طباعة مجلة الفجر وهي مجلة مجانية توزع في شتى أرجاء العالم العربي.
أما الآن وقد باتت كافة المؤسسات تتطلع لامتلاك موقع على الإنترنت، سارعت أغلب الجرائد القومية والرسمية والحكومية والصفراء والمجلات المتخصصة والترفيهية في نشر محتواها على الإنترنت، وباتت سبل كسبها مختلفة عن ذي قبل، فبالأمس القريب كان هدف الناشر أن يبيع أكبر كم من النسخ المطبوعة من منشوراته، أما اليوم، فبات الناشر يحلم بأكبر كم يقرأ ما ينشره، ذلك لأن أحد مصادر كسبه الهائلة صارت الإعلانات، وبيع أجزاء من منشورات سابقة في أرشيفاته، فالموقع لا يظهر لك إلا آخر الأنباء، أما إن كنت باحثا أو طالب علم يريد التقصي عن حقيقة نُشرت في هذه الصحيفة أو تلك فعليك أن تخاطب إدارة الجريدة وتشتري منها (أو بالأحرى من أرشيفها) ما يعن لك.
يا إلهي، بت أقرأ جريدة الأهرام كل صباح كما كنت أتمنى! ولم أعد بحاجة لمرافق في الصباح يقرأ لي ما أريد، ولم أعد أتحمل مشقة الخروج للشارع يوميا لشرائها! بل أنها صارت مجانية أيضا!
نشَرها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش