الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

هوميروس: المعلم الأكبر

وهي الحقيقة نفسها التي أكد عليها الدكتور أحمد عتمان من خلال الورقة البحثية التي جاءت تحت عنوان الأدب والبصيرة في الأدب الإغريقي القديم، حيث أشار إلى أن الشاعر هوميروس ما زال يقف على قمة الهرم الأدبي منفرداً بإجماع المبدعين أنفسهم من الأجيال التالية والذين يعترفون له بالفضل عليهم وإعتباره المعلم الأكبر لكل شعراء ومبدعي الحضارة الإغريقية والحضارات الأخرى إلى الآن.

وأضاف أن الأساطير والملاحم الإغريقية التي كتبها المكفوفون كما أشرنا من قبل كانت لها قدسية خاصة بالنسبة للشعب الإغريقي في ظل عدم وجود كتاب مقدس لهم، ومنها استمد المكفوفين قدسية خاصة لدرجة أن الشعب الإغريقي ربط بين فن الملاحم وبين فقدان البصر بمعنى أنهم كانوا يعتقدون أن الشاعر الملحمي لابد وأن يكون كفيفاً كي يبدع ويمتع الآخرين بكلماته.

كما قدم الناقد عبد السلام الشاذلي ورقة بحثية بعنوان الأعمى في الأسطورة والخرافة العربية.. سطيح وشق نموذجاً تناول فيها دور الأسطورة في تكوين الوعي والذاكرة الحضارية للأمة العربية، وأشار إلى أن مَنشأ الخرافة في العصور القديمة يعود للقول بأن "العقل أعمى" وكانوا يرون أن الحكمة الإنسانية غرور!

وأشار إلى أن رواية سطيح وشق أشهر كاهني الجاهلية تدور حول قصة حياة سطيح الذي كان من كبار كهنة العصر الجاهلي، وهو الذي تنبأ للرسول (صلى الله عليه وسلم) بالنبوة تعتبر أول وثيقة تحكِي لنا عن كيفية ولادة الكلمة لدى الشاعر، وهي الرواية التي تؤكد أن الكلمة بمعناها الفني ولدت على يد الكهنة.

ولشدة إعجاب الأدباء والشعراء في العصر الحديث بشخصية الكاهن سطيح قاموا بتناولها والحديث عنها في أعمالهم الأدبية مثل الشاعر حافظ إبراهيم في كتابه الصادر عام 1906 بعنوان ليالي سطيح.

ثلاث مرايا سردية

وقدم الدكتور شريف الجيار في ورقته البحثية تحت عنوان صورة الأعمى في ثلاث مرايا سردية، وبدأ حديثه بالنقد والتحليل لرواية الأيام لطه حسين وأشار إلى أن العمَى عند طه حسين كان يعني الإرادة والإصرار على طلب العلم والحب، وهو يعني أيضاً العلاقة بين الشرق والغرب والتمرد على الواقع من خلال العلم نفسه، وقناة الماء التي كان الطفل طه حسين يتمنى ويحلم أن ينزل فيها ويصل إلى الشاطئ الآخر لها، ما هو إلا حلم أو إسقاط حول رغبته في مغادرة ضفة الجهل والفقر والظلام إلى ضفة العلم والنور والثقافة وهو ما حدث له عندما رحل إلى الأزهر ثم رحيله إلى فرنسا وهكذا بالإضافة إلى الانطواء والشعور بالوحدة.

وانتقل إلى رواية قنديل أُم هاشم للمبدع الراحل يحيى حقي، وأوضح أن شخصية الأعمى هنا التي تجسدت في فاطمة النبوية التي فقدت عينيها بسبب الزيت الذي أعطاه لها الشيخ درديري بزعم أنه زيت مبارك ومقدس له معانٍ مختلفة ومع شخصية إسماعيل رمز العلم والمنطق والعقل يؤكدان معنى الثنائية الضِدية بين العمَى والبصر، الشرق والغرب والجهل والعلم، وتتساءل الرواية من خلال شخصية فاطمة التي فقدت بصرها عن أسباب تخلف وفقدان العالم العربي لبصره، وأنه أصبح يستورد العلم من أوروبا التي أخذت العلم من علماء العرب والإسلام في الطب وغيره من العلوم الأخرى.

والرواية الثالثة هي مالك الحزين للكاتب إبراهيم أصلان ومن خلال شخصية الشيخ حسني يسأل الكاتب من هو الذي لا يرى هل هو الأعمي هو من فقد البصر أم البصيرة؟ وفي الوقت نفسه من خلال أحداث الفيلم وشخصية الشيخ حسني قام الكاتب بالإجابة عن هذا السؤال وكانت إجابته أن الأعمى هو كل إنسان فقد البصيرة ولا يمتلك الإرادة والرغبة في تغيير الواقع. وقال إن هذه الروايات الثلاثة، وعلى الرغم من اختلاف شخصية وثقافة المكفوفين فيها، إلا إنها جاءت لترمز إلى المقارنة بين الشرق والغرب والتحدي والتمرد والصراع مع الذات من أجل الوصول إلى الأفضل ورفض صفة العمى والبحث عن البصيرة.

المصدر: القاهرة، الرؤية»، عمر عطية

نشَرها لكم: وائل زكريا

  • Currently 285/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
95 تصويتات / 2207 مشاهدة
نشرت فى 1 سبتمبر 2009 بواسطة blindplus

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

936,460