الأربعاء، 22 أكتوبر 2008
بين البصر والبصيرة
- نور البصيرة لا البصر
- تهدي إلى النهج الأغر
- فهي الدليل لمن سعَى
- وهي السبيل لمن عبَر
- فاخفض جناحَك راضيا
- وارضخ لما حَكمَ القَدَر
- واسلك طريقَك بالبصيرة
- لما مداومة النظر
- تبلغ مرامك في الحياة
- محققا أقصى الظفَر
- كم من ذوي العيْنين يسعى
- في الحياة بلا أثر
- وسواه رغم عتامة العيْنين
- أفلح وانتصر
- هذا هو الشيخ الجليل
- أبو العلاء وقد شعر
- فأتى بشعرٍ خالد
- باق على مر العصر
- أما العميدُ فقد سما
- بنبوغه بين البشر
- صاغ الفرائد مبدعا
- آياته فيما نثَر
- أيامه فاضت رواء
- مثال بستان نضَر
- وكذا حديث الأربعاء
- وما يضم من الصور
- فيه الدروس الباقيات
- بما تشع من الفِكَر
- يا مَن حُرمْت مدارِك الإبصار
- لا تقنط وقرّ
- واسلك سبيلك في الحياة
- بيقظة الفطِن الحذِر
- واقطُف ثمار العلم يانعة
- وواصِل واستمِر
- هذا هو النهج الصحيح
- فقم على ثقة وسر
- واهنأ بأنوار البصيرة
- ساطعات، لا البصر
هذه القصيدة التي قام الشاعر عبد المنعم عواد بإلقائها في افتتاح المؤتمر الذي أقامته جمعية شمس العقل للمكفوفين بالتعاون مع اتحاد الكتّاب المصريين، والذي جاء تحت عنوان الأعمى في الأدب والأسطورة، والذي استمرت فعالياته لمدة ثلاثة أيام شارك فيها عدد كبير من المبدعين والأدباء والنقاد بأوراق بحثية تناولوا فيها إبداعات المكفوفين (أصحاب البصيرة) في مسيرة الأدب منذ فجر الإبداع والحضارة.
في البداية، أكد فاضل متولي (رئيس جمعية شمس العقل للمكفوفين) أن هدف الجمعية هو الدفاع عن المكفوفين في مصر والعالم العربي والمطالبة بحقوقهم الضائعة بين تجاهل الحكومات وبين عدم وعي المجتمعات العربية بقيمة أصحاب البصيرة، والعمل على إعادة الاعتبار لكل مكفوف من الناحية الإنسانية وتوفير المناخ الثقافي له إذا كان من المبدعين والفنانين وهم كثير جدا ولكن لا أحد يعلم عنهم شيئاً وإن سمع بهم تجاهلهم "ولم يعترف بنا كمواطنين لنا حقوق قبل أن نقول إن علينا واجبات". وأكد على ضرورة قيام المؤسسات الثقافية في مصر والعالم العربي برعاية واحتضان المبدعين من المكفوفين، ليس لأنهم من ذوي الاحتياجات ولكن لأنهم بالفعل لديهم مواهب كثيرة في كل المجالات.
وقال الشاعر أحمد سويلم إن المكفوفين ساهموا بدرجة كبيرة جدا في رحلة ومسيرة الإبداع الثقافي والأدبي بل إنهم كانوا رواداً في الأدب والفنون، وعلى درب خطواتهم وفي ضوء كتاباتهم سارت أجيال من المبصرين في ذات الطريق وتعلّموا منهم كيف يقولون الشعر ويكتبون الرواية والمَلْحَمة التاريخية والقصص والأساطير، وأكد أن جميع الحضارات القديمة قد اعترفت بفضل وقيمة المكفوفين لا سيما الدين الإسلامي الذي يعتبَر أول ديانة سماوية تتضمن إشارات صَريحة للمكفوفين وتعترف بقيمتهم ومكانتهم ومن ثم التأكيد على حقوقهم الإنسانية التي أقرها الله (سبحانه وتعالى) من فوق سبع سماوات وهي تلك الآيات القُرآنية التي عاتب الله سبحانه وتعالى فيها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بسبب تجاهله للصحابي الجليل عبد الله ابن أُم مكتوم، ومِن الناحية الأدبية فقد اهتمت كتب التاريخ بإبداعات المكفوفين العرب وتدوين سيرة حياتهم وانتاجهم الأدبي ومن أهم هذه الكتب: نكت الهميان في نكت العميان للصفدِي وكتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان، للجاحظ وهو صاحب مقولة شهيرة جدا وتعتبر من وجهة نظري الشخصية (والكلام للشاعر أحمد سويلم( من أفضل ما قيل في حق المكفوفين وأصحاب البصيرة وهي:
إن أصحاب البصيرة يدركون ما لا يدركه المبصرون.واختَتم حديثه مؤكداً على ضرورة الاعتراف بفضل المبدعين من أصحاب البصيرة في الحضارة الإغريقية على الأدباء والمثقفين من كل الحضارات وفي مختلف العصور، وقال: "على الرغم من أن الشاعر الإنجليزي جون ميلتون صاحب كتاب-الفردوس المفقود- وهيلين كيلار ولويس برايل كانوا وما زالوا بمثابة قبلة ومنارة للعلم والثقافة برغم كف بصرهم، إلا أنهم كانوا دائماً يعترفون بفضل هوميروس الأديب الإغريقي صاحب ملحمتي الإلياذة والأوديسا، وكانوا يقولون عنه أنه الأب الروحي لكل مبدع."
المصدر: القاهرة، الرؤية»، عمر عطية
نشَرها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش