ربما يبْدُر إلى أذهان القراء الكرام عند التفكير في هذا العنوان المذكور أعلاه، أنني سوف أتناول المآسي والحوادث الخاصة بالمصاعد وما يتخلف عنها من التسبب في عجز كلي أو جزئي لمستخدميها عند حدوث الكوارث التي عهدناها من مثل هذه الحوادث، وعلى رغم أهمية هذا الحديث إلا أنني في هذه المرة أتحدث عن شيئ أبسط وأهم من سابقه.
تتواجد المصاعد بأحجامها وقدراتها المختلفة في الكثير من المنشآت العامة مثل المستشفيات والوزارات والهيئات ودور الرعاية، كما تتواجد في بعض العمارات والأبراج الفارهة أو الشاهقة، وما من شك في أن الإنسان يحتاج لما تصنع يديه من آلات لكي تلبي احتياجاته وإلا فلماذا يصنعها؟ قد يرى البعض أن المصاعد رفاهية تقنية تسهل عملية الصعود والهبوط بمجرد الضغط على أزرار المِصعد وبدون الحاجة لبذل الوقت والمجهود في الوصول للطوابق العليا من المنشآت، إلا أن هذه النظرة لهذه الأداة الحيوية تعد نظرة ضيقة الأفق، فمن الناس من يتضرر أو يتأذى بغياب المصاعد من العالم، ولهذا تم تصنيعها.
كانت الأبنية والمنشآت السكنية في القديم لا تحتاج لسلم للولوج إليها، وبالأكثر كانت تتألف من طابق علوي أو طابقين على الأكثر (باستثناء الآثار الفرعونية)، وعلى ذلك كان من السهل على أي أحد الولوج إليها أو الخروج منها كيفما ووقتما شاء، ولكن مع التطور والتقدم العلمي وتحديث مجالات التصنيع ورقي علم الهندسة في بناء منشآت شاهقة تستوعب النمو السكاني، صار حتم التوصل لطريقة سهلة لصعود المنشآت العالية، ومن هنا كانت صناعة السلالم التقليدية وإن لم تلبي كامل الغرض إذ أن الصعود إلى قمة المبنى الشاهق عندئذ عملية مرهقة ومضيعة للوقت وعلاوة على ذلك فإنها غير آمنة لأنها لا تفيد في حالات الاستعجال أو الطوارئ. ومن هنا كانت صناعة المصاعد لكي تلبي حاجة الراغبين في الصعود إلى الطوابق العليا، إلا أن الفئات المستهدفة لاستخدام المصاعد فئات متعددة، منها:
- كبار السن
- ذوي الإعاقات الحركية
- قِصار القامة
- بعض أنواع المرضى، مثل مرضى القلب
- حديثي الجراحة
- رجال الطوارئ، مثل رجال الإطفاء والشرطة والإسعاف
- الأفراد العاديين المستخدمين لهذه الأداة لتسهيل الصعود والهبوط.
والتقليد المتبع في بعض المنشآت يقضي بتعيين عامل للمِصعد يتحكم في كم الداخلين إليه، وتلبية رغباتهم في الصعود لطوابق معينة، بالإضافة إلى مراقبة المِصعد أمنيا من أي استغلال سيئ من راكبيه إلى جانب مراقبته للمِصعد فنّيا وإعداد تقرير بحالته عند اكتشاف أي تلف أو قصور في أداء وظيفته. إلا أن الكثير من المنشآت الخاصة مثل العمارات والمراكز الطبية الخاصة لا تجد في الصرف على عامل للمِصعد حلا مناسبا فتترك المِصعد هكذا اعتمادا على معرفة مستخدميه به.
والآن نأتي إلى لب قضيتنا وهي السؤال عن مدى قابلية وتوافقية هذه المصاعد لاستخدام المكفوفين! إذ إن الأمر يبدو محيرا عند تناول مثل هذه القضية فهي تبدأ من مشكلة الطريقة التي سوف يتعرف بها الكفيف على وجود مِصعد بالمبنى من عدمه، ثم كيفية الوصول إليه، ثم استدعاؤه، ثم معرفة وقت وصوله، ثم كيفية إعطاؤه أمر الصعود للطابق المرجو ... وهكذا.
تقوم بعض شركات تصنيع وتركيب المصاعد ممن لهم دراية بحقوق البشر والشركات المعنية بإرساء المعايير التوافقية التي تساوي بين كافة الناس بإنتاج مصاعد تشتمل على منبهات جرسية تقوم بإعلام السامع لها عن وصولها إلى طابق ما بعينه، وهنا نقف عند قدرة العقل البشري المتقدم الذي استغل صوت رنين الجرس في إنتاج صوت يقوم بوظيفتين متوازيتين: الأولى أنه يصدر صوتا فينبه سامعه بوجود المِصعد أينما سُمِع الصوت، والثانية أن عدد الدقات التي يصدرها الجرس تكون ملائمة لرقم الطابق الموجود فيه المِصعد، ناهيك عن وجود منبه خاص مثبت في الطابق الأرضي حيث يدخل المارة فيعلمهم هذا المنبه بوجود مِصعد بالمبنى من خلال صوت بسيط يرحب بالداخل إلى المبنى ويلبي حاجة الكفيف في معرفة مكان الباب الخاص بالمِصعد! أما هاهنا، في ثقافتنا المحلية، فالأمر مرتبط بمرافق عله يقرأ لك الكتاب أو يستدعي لك المِصعد أو يخبرك بضرورة الصعود من خلال السُلَّم التقليدي، المهم، أن الكفيف في بلادنا يعاني من عدم الخصوصية حتى في أبسط الأشياء والتي منها صعوده بالمِصعد.
نشَرها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش