دفعت الإعاقة طالبة فلسطينية من قطاع غزة إلى تصميم جهاز ينبه المكفوفين إلى العوائق التي تعترضهم وهم في سبيلهم لفضاء حوائجهم اليومية. وتقول الطالبة هبة فياض، التي فقدت بصرها في إحدى عينيها عقب سقوطها على الأرض وهي في الثانية من عمرها وفشل الأطباء في علاجها، أنها عكفت منذ وقت طويل على تصميم جهاز يقدم لمن فقدوا نعمة البصر ما عجز الغير عن فعله لها لإنقاذ عينها. وتضيف طالبة الصف الحادي عشر أن إحساسها بحجم المعاناة الكبيرة التي تواجه المكفوفين أثناء تنقلهم كان وراء إصرارها على إنجاز هذا العمل. وأوضحت أن الفكرة الأساسية للجهاز التي كانت تراودها تَمَحْوَرَت حول الكيفية التي يمكن بها تصميم جهاز يرشد الكفيف إلى العوائق التي تعترض سبيل تحركاته، ويصف له الأشياء من حوله، وهو مزود ببوصلة وهاتف خلوي متصل بوحدة تغذية تكون في البيت وعداد أمتار، وعصا حساسة تعينه على السير في الطرقات.

ومنذ ذلك الحين لم تتوقف هبة عن البحث عمن يساعدها في تحقيق الفكرة، لكن كل من أطلعتهم على الفكرة من الفنيين والمهتمين في مجال الحاسوب والإلكترونيات أجمعوا على استحالة تحقيق الفكرة لانعدام الإمكانيات التي يحتاجها جهاز من هذا القبيل في غزة. إلا أن ذلك لم يفت في عضدها، فواصلت بحثها عن سبل تحقيق حلمها إلى أن التقت بأحد معلميها ممن درست على يديه في دورة نظمت في أحد النوادي العلمية وهي في الصف الخامس، ونصحها بتصميم الخطوة الأولى من الجهاز، بحيث يقتصر دوره على إصدار صوت لتنبيه الكفيف بمجرد مواجهة أي عائق يعترض تحركاته. وبالفعل

انتهت هبة من تصميم الجهاز الذي أطلقت عليه اسم دليل الكفيف "شروق"، وهو عبارة عن حقيبة سياحية صغيرة تلف خاصرة الكفيف وبداخلها جهاز صغير يصدر موجات فوق صوتية من قطعة إلكترونية صغيرة تسمى "آلترا سونيك ترانس ميتر"، بحيث تقوم هذه القطعة بإرسال موجات فوق صوتية بشكل منتشر، وعند اصطدامها بأي جسم أو عائق ترتد وتنعكس وتستقبلها قطعة إلكترونية أخرى "آلترا سونيك ريسيفار". وتوضح الطالبة الفلسطينية أن قطعة الآلترا سونيك ريسيفر تعالج الموجات المرتدة وتحولها إلى إشارات كهربائية ضعيفة تمر عبر دائرة تكبير ثم على دائرة تحكم تعمل على توصيل الإشارة الكهربائية المكبرة بجهاز التنبيه الذي يصدر صوتا ينبه الكفيف للابتعاد عن العائق وأخذ الحذر منه. والجهاز مزود بسماعة أُذن بإمكان الكفيف استعمالها إذا كان لا يرغب أن يسمع غيره صوت التنبيه، إضافة إلى أن التحكم ببعد المسافة التي يريد الكفيف أن ينبهه الجهاز بشأنها متروكة له ليحددها، علما بأن أقصى مسافة للتنبيه هي ثلاثة أمتار.

استغرق إنجاز الجهاز نحو سنتين تعرضت خلالها الطالبة لصنوف متعددة من الإحباط والتثبيط، وعدم قناعة المؤسسات ومسؤوليها بجدوى الفكرة، بحيث أصبح هذا الشعور أصعب المشاكل التي اعترضت طريق تحقيق جزء من حلمها. ودفع استنكاف المؤسسات التي زارتها عن تقديم أي دعم لها، بشباب ملتقى خريجي مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة لمساعدتها في البحث عمن يمكن أن يمد يد العون لتوفير الإمكانات اللازمة لإجراء تجاربها، ونجحوا في الوصول إلى منتدى" شارك" الشبابي الذي تولى بدعم من مؤسسة إنقاذ الطفل رعاية الطالبة التي نجحت في تصميم الجهاز. وعبرت هبة، التي تعيش في كنف أسرة فقيرة، في نهاية حديثها عن أملها بأن تجد من يساعدها في توفير الإمكانيات لتنفيذ وتطوير فكرتها الأساسية.

المصدر: الجزيرة

نشَرها لكم: وائل زكريا

  • Currently 240/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
80 تصويتات / 806 مشاهدة
نشرت فى 10 يوليو 2009 بواسطة blindplus

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

936,412