كثيرا ما نرتاد المطاعم العامة لتناول وجبة سريعة في استراحة قصيرة الوقت ما بين عملنا الصباحي وعمل آخر مسائي نسعى من خلاله لزيادة دخولنا، وأحيانا ما نتناول وجبات سريعة في المطاعم عندما نكون برفقة مجموعة من الأصدقاء أو زملاء العمل للتشاور في أمر ما، ولا تنتهي أسباب ترددنا على المطاعم العامة وإلا ما كان لها أن تنتشر كل هذا الانتشار في مجتمعاتنا العربية. ولكن ماذا يحدث لو أن أحد أصدقاءنا من المكفوفين كان في هذا الجمع من الأصدقاء؟ أو ماذا يجب علينا تجاه كفيف تصادف وجوده بمائدة مجاورة للمائدة التي نجلس عليها؟ وما المنتظر من مسئول الخدمة بالمطعم تجاه هذا الكفيف؟ في مثل هذا الموقف من المهم أن تؤدي دورك كصاحب له أو جار في المائدة المجاورة أو مسئول خدمة بالمطعم بأن تقرأ له القائمة المطبوعة بكافة الأطعمة المتاحة، ولا تنسى أن تقرأ بصوت مناسب فإذا طلب منك رفع صوتك قليلا فلا ترفع صوتك بقدر يزعج المحيطين أو يلفت انتباههم، أما إذا طلب منك خفض صوتك فلا تتجاهل طلبه وطمئنه ببعده عن خضم الجالسين أو بأن أحدا لم يأبه بما يقرأ سواه، وحاول قدر جهدك أن تقرأ بصورة متأنية حتى يتمكن الكفيف من اختيار الطعام المناسب له بنفسه، ولا تنسى أن تبدأ بقراءة الوجبات سهلة التناول أولا مثل السندويتشات أو الأكلات السهلة التي لا تحتوي على سوائل أو لا تحتاج لجهد في تناولها. ولا تنسى أن تتصدر قراءتك بالأصناف رخيصة الثمن أولا، حتى لا تتسبب في إحراجه إن كان لا يبغي التبذير، فقد يجد حرجا أكثر من أي أحد في أن يخبرك بأن تقرأ الوجبات الرخيصة فحسب، وتحلى بالصبر ولا تبدي سأما إذا ما طلب منك تكرار قراءة بعض العناصر بقائمة الطعام.
لا تنسى أن تطلب رأْي الكفيف في الموقع الذي يريد الجلوس فيه، هل يريد مكانا بين المجموعات الموجودة بالمطعم؟ أم أنه يريد مكانا هادئا في زاوية مستقلة؟ ولا تحاول أن تختار له المكان إلا إن سمح لك بذلك، ولا تظنن أنه يختار المكان الهادئ لأنه قد يكون انطوائيا أو مدعاة لسخرية الآخرين، بل أن الكفيف قد يختار المكان الهادئ لكي يتسنى له الاستماع لتوجيهاتك والاستماع لقراءة قائمة الطعام بشكل متأني والاستماع لموقع الملعقة على المائدة، فقد يقرع المائدة بشكل غير ملحوظ حتى يعرف مكان الملعقة من غير سؤالك أو سؤال غيرك! ولا تنسى كذلك إعلام الكفيف بموقع كل شيئ على المائدة إما بالوصف الدقيق أو باصطحاب يده بخفة ولياقة وزيارة موقع كل شيئ على المائدة، بل ربما تحتاج لأن تصف محتوى بعض الأطباق التي قد تحتوي على أكثر من عنصر، ولا تنسى إخباره بموقع المناديل الورقية التي يجب أن تكون على المائدة والتي ربما يحتاجها في وقت لاحق لتجفيف أي سوائل منسكبة على المائدة أو لمسح يده التي ربما تبتل أو تتلوث بمسك بعض الأطعمة من غير سكين أو شوكة، ولا تملأ له كوب الماء أو المشروب الإضافي إلا إن طلب ذلك فقد ينسكب الكوب قبل أن يشربه إن أطاحت به ملعقة الطعام أو الشوكة التي يستخدمها الكفيف لالتقاط مكعبات الدجاج الهندية أو شرائح اللحم.
لا تتردد في إزالة الأطعمة التي ربما تسقط على ملابس الكفيف أو على الأرض من حوله أو على المائدة حول الأطباق أثناء تناوله الطعام بغير استئذان وبدون استسماح ومن غير أن يلاحظك الناس، وإن صادف وقوبلت بتعليق من الكفيف نفسه أو من الناس من حوله، فبادر الصمت وتجاهل التعليقات بالكلية، فربما يعلق الكفيف على فعلك لتجنب الإحراج بأن يخبرك بأنه سيقوم بفعل ذلك لاحقا، والحقيقة أنه لن يفعل ولكنه يرفع عن نفسه الحرج بعض الشيئ، وإن كان من تعليق من الناس فتجاهله لألا تتسبب في إحراج الكفيف. وإن لزم الأمر غسل الملابس بالماء لوجود البقع في أماكن جلية من الملابس، فاستأذن الكفيف أن يتوجه معك إلى مكان مناسب مثل دورة المياه لغسل الملابس في غياب أي أحد. وهناك عليك أن تعلمه بحقيقة موقف الملابس بعد الغسل فإذا زالت البقع فطمئنه وإن بقيت فانصحه بإعادة غسلها بعد العودة للمنزل، ولا تنسى إخباره بمكان البقع على ملابسه بالتحديد إن وجدت. وإن كان حساب الفاتورة يجب على الكفيف دفعه فلا تتردد في قراءة الفاتورة له، ثم اصطحابه إلى المحاسب المحصل ويمكنك أن تعرض عليه استلام النقوض من يده وتسليمها للمحصل بدلا منه، ولا تشعر بالحرج عند استلام النقوض من يده فإن كان مبصرا لما احتاج منك تسليم المحصل شيئا، إنما وجودك يسهل عليه هذه المسئولية بعد النقوض واستلام الباقي من المحصل الذي قد يجهل حقيقة كف بصره فيشير له بالباقي ويتعطل طابور الدفع. وأخيرا إن كنت من القائمين بأعمال المطعم أو المترددين عليه بكثرة وتعرف طريقك لمدير المطعم، عليك أن تطلب منه توفير قائمة بالأطعمة بالخط البارز (برايل) والخط العريض من أجل خدمة العملاء المكفوفين وضعاف البصر.
كتبه لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش