إن من التحديات التي يواجهها الكفيف في الجامعة عند كل فصل دراسي مشكلة حصوله على الجدول الدراسي الذي يضم أسماء الأساتذة وأسماء المواد الدراسية وأرقام المدرجات ومواعيد بداية ونهاية كل محاضرة، فعند بداية كل ترم يقوم معاون الكلية أو القسم بتحضير الجدول المناسب ثم نسخه وتعليق نسخة منه على جدران القسم أو الكلية. ومنذ الدقيقة الأولى لتعليق جدول المحاضرات يصطف الطلاب والطالبات في طوابير طويلة كالتي نراها عند أفران الخبز لنقل الجدول من على الجدران إلى أجنداتهم الشخصية، ناهيك عن قضاء ساعات طويلة في صراع مع الزحام والهزل ومضيعة الوقت، يقضي الطلاب ساعات طويلة في نقل الجدول الذي انطمست معالمه! واختل هجاؤه! وصَغُر حجم خطه! ويبقى الطلاب يقفون في مشهد مخزٍ لا يعبر عن رقي ولا علم ولا حضارة! إذ يتناقلون ما كتبوا، ويدققون هجاء ما نقلوا، ويحجبون ما أرادوا من بعضهم البعض كراهية وحقدا! وعلى الجانب الآخر توجد نسخ مصورة من الجدول عند سكيرتاريا القسم أو عمادة الكلية تنتظر الأساتذة وبعض الطلاب!
وهنا يبقى الكفيف بين أمرين: إما أن يسخر أحد زملاءه لخوض معركة الوصول للجدول المعلق ونقله بحذافيره، وتدقيق ما به من أخطاء هجائية قد تتسبب في مشكلات كبيرة في الحضور في الأوقات المناسبة أو معرفة أسماء الأساتذة أو أسماء المواد التعليمية التي قد تكون جديدة، وإما أن يذهب إلى السكيرتاريا ويطلب نسخة مصورة من جدول المحاضرات. وفي كلتا الحالتين يبقى الكفيف في حيرة من أمره، فكيف يقرأ هذا الجدول المنقول أو المطبوع؟ فيضطر الطالب الجامعي الكفيف إلى طلب تسجيل الجدول صوتيا من أحد زملائه، أو تمليته إياه لكي يحتفظ به بطريقة برايل، أو أن يضطر إلى الذهاب إلى المعاون يوميا لكي يطلعه على محاضرات اليوم، يوما يوما لمدة أسبوع أو أسبوعين إلى أن يستقر الجدول ويحفظ هو مواعيده بالكامل. يا لها من مشقة بالغة لا تقل عن مشقة الاستذكار وتحصيل الدرس!
نشَرها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش