بعد ظهور نتائج الثانوية العامة وحصول الطلاب المكفوفين على درجات مرتفعة تؤهلهم للالتحاق بالكليات التي يطمحون في الالتحاق بها، وبعد المرور بعملية تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد العليا، يصبح الكفيف طالبا جامعيا، له ما للطالب الجامعي من حقوق وعليه ما على الطالب الجامعي من واجبات. ومع بداية الانتظام في الدراسة الجامعية يواجه الكفيف بعض المشكلات التي تقف عائق في طريق تميزه وتفوقه، منها عدم توفير الكتاب الدراسي بطريقة برايل الذي يمثل الوسيلة الأولى للمذاكرة التي اعتادها الطالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي، ذلك لأن الجهات المعنية بطباعة الكتب الجامعية لا تحمل على عاتقها توفير الكتاب البارز للمكفوفين ولأن كل أستاذ جامعي يطرح في كل عام للطلاب كتب جديدة تؤيد وجهة نظره في شرح المادة العلمية.

وفي هذه الحالة يجد الكفيف نفسه مضطرا للجوء إلى بعض أصدقائه أو إلى أي قارئ يستطيع تسجيل المادة العلمية له على أشرطة كاسيت لكي يتمكن من استذكارها في الأوقات التي تناسبه، وهو أمر محفوف بالمشكلات ذلك لأنه لم يتعود من قبل على هذا النوع من المذاكرة السماعية التي تصيبه في أغلب الأحيان بالنوم أثناء سماعها وكأنها مذياع رتيب يتحدث إليه، كما أن أشرطة الكاسيت تحول دون سهولة الوصول لصفحة معينة من الكتاب أو فقرة بعينها للتركيز عليها أو إعادة قراءتها بغرض فهمها، والمادة العلمية المسجلة قد تكون كتب دراسية أو مذكرات ومحاضرات ألقاها الأستاذ الجامعي، ولكن المشكلة لا تقف عند تعود الكفيف على المذاكرة السماعية من عدمه بل إنها تمثل عبء زمنيا إذ أن القارئ المبصر والطالب الكفيف يبذلان من الوقت الكثير لكي تتم هذه العملية، فالمحاضرة التي ألقاها الأستاذ في ساعتين يقرأها القارئ في عدة ساعات لأنه ليس آلة وليس مدربا على القراءة المتصلة، ولأن عليه هو الآخر من الواجبات ما يحول دون تسخير كافة قواه لخدمة زميله الكفيف، ثم إن الكفيف، المتلقي للمعرفة في هذه الحالة، يمكث في سماع هذه المادة المسجلة زمنا طويلا لكي يعيدها على مسامعه ويفهمها ويدركها إدراكا جيدا، وبصدور الكتب الجامعية في وقت متأخر من الفصل الدراسي يتعثر القارئ في تلبية تسجيل كافة المواد الدراسية للكفيف، وعليه يتعثر الكفيف في استذكارها، وبالتالي لا يجد الكفيف نفسه قادرا على تخطي الامتحانات الجامعية بتفوق كعادته في المدرسة من قبل، فيبوء بالفشل الذريع، أو ينتقل للفرقة التالية وعليه بعض المواد الواجب إعادة الامتحان فيها مرة أخرى! أمر مرير!

وعلى الجانب الآخر، يسرع بعض الطلاب المكفوفون إلى شراء الكتب الجامعية ويدلوا بها لبعض الجمعيات الأهلية والمراكز المعنية بخدمتهم لكي تعيد كتابتها على الحاسبات الآلية ومن ثم طباعتها بالخط البارز (برايل) حتى يتمكن الكفيف من خوض عملية الاستذكار التي اعتادها، ولكن تأخر صدور الكتب الجامعية يهدد هذه العملية أيضا، فمن أين تجد الجمعيات الأهلية الوقت الكافي الذي تستطيع به الوفاء بالتزاماتها أمام الطلاب المكفوفين؟ ومن أين يجد الكفيف الوقت والطاقة البدنية والمزاج المناسب للاستذكار؟ فيبقى الكفيف محملا بعبء آخر وهو ملاحقة المنظمات والجمعيات الأهلية ساعة بساعة حتى يتمكن من الحصول على بعض ما أدلى به من كتب لكي ترد له في صورة بارزة يستطيع قراءتها، ولا يزال عل ذلك إلى صباح يوم الامتحان أحيانا! يهدده الامتحان بأسئلته، والوقت بسرعة مروره، والهمة بفتورها! فيخرج من لجنة الامتحان تاركا وراءه تجارب مريرة شتى، حتى أن أمله في النجاح لا يكاد يسيطر عليه على رغم تفوقه في الماضي أيام كانت الكتب البارزة بين يديه أثناء المراحل التعليمية المتقدمة.

كتبها لكم: شادي

نشَرها لكم: وائل زكريا

  • Currently 245/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
81 تصويتات / 789 مشاهدة
نشرت فى 28 يوليو 2009 بواسطة blindplus

ساحة النقاش

atsegypt

فعلا مأساة خاصة وجود صعوبة في معالجة الصور والأشكال والخرائط ببرايل. لكن انا الان اعمل على تطوير نظام يساعد الكفوف على الترجمة الالية لبرايل وهذا هو سبب تسجيلي في منتداك الذي اعجبني بشدة.
رجاء التواصل من خلال ايميلي الذي سجلت به في منتداكم
وبالتوفيق وان شاء الله من أفضل لأفضل
منتظر ايميلك

عدد زيارات الموقع

875,911