تتعدد الاستخدامات التطبيقية لآلات النطق وإدراجها في الحلول النطقية في العديد من المجالات لا سيما لأهمية الصوت في حياة الإنسان باعتباره وسيلة التواصل المُثلَى بين البشر. فعلى الرغم من قدرة العين المجردة على مراقبة المستجدات المرئية آنيا إلا أنها تخفق في رؤية الغيبيات المكانية بخلاف الأذن البشرية، فلك أن تتأمل مِثالَين يوضح أحدهما حالتك الانفعالية عندما يدق جرس الباب الذي يفصل بينك وبينه مجموعة من الجدُر وحالتك عندما يوقد أحد أبناؤك أو أصدقاؤك مصباح الإنارة في الحجرة المجاورة للحجرة التي تمكث فيها، في حالة سماعك لجرس الباب فإنك تقوم على الفور ملبيا دعوة الطارق، ومع ذلك فإنك قد لا ينمو إلى علمك حالة المصباح المنير من المعتم على رغم فصل جدار واحد بينك وبينه. ومن هنا نستخلص الحقيقة الحتمية لاتساع محيط الإدراك السمعي عن البصري في كافة الكائنات بما في ذلك الإنسان، وهذا إنما يرجع إلى الخصائص الصوتية والخصائص المرئية اللتان تمثلا سمات كل منهما. وبالمثل فإنك قد تسمع آلة التنبيه الخاصة بالسيارة التي تنتظرها وتوقن بقدومها بالقرب من منزلك على رغم عدم ضرورة ذهابك للنافذة أو الشرفة لتراها رأي العين.
ولما كانت آلات النطق الإلكترونية تتطور ويحاول مصنعوها محاكاة الصوت البشري، كان من الضروري إدراجها في أدوات مفيدة للإنسان وإلا فلا حاجة لنا بمثل هذا الانتصار العلمي الفائق. وبالطبع لا يقتصر مفهوم الصوت المنبعث من آلات النطق الإلكترونية على تحويل النص المكتوب إلى نص منطوق عن طريق التحليل النحوي واللفظي كما أسلفنا في مقالاتنا السابقة، وإنما يمكن تلقين آلة النطق حروف أو أرقام بعينها لتقرأها عند تنفيذ شرط برمجي ما، ولهذا انتشرت ساعات اليد وساعات الحائط الناطقة لتعلم مستخدمها بالوقت دون الحاجة للنظر إليها وهذا ما يفيد منه طوائف عديدة لا تنحصر في ضعاف البصر والمكفوفون وإنما تتسع لتشمل كبار السن وتشمل أيضا الأفراد الذين يستغلون أبصارهم في أعمال مهمة تمنعهم من الالتفات إلى مراقبة الوقت بالعين طالما كانت هناك وسائل تنطقها لهم وهكذا.
ولم يتوقف الأمر عند نطق الوقت الحالي بواسطة ساعات اليد وساعات الحائط وإنما اتسع ليشمل المنبهات الوقتية وآلات التليفونات الأرضية التي تنطق الأرقام الواردة كما تنطق الأرقام الصادرة بالإضافة إلى أجهزة قياس ضغط الدم والضغط الجوي وأجهزة قياس الحرارة والرطوبة بأنواعها، علاوة على إدراج الآلات الناطقة في المصاعد وعدادات السيارات والطائرات وأجهزة التحكم عن بعد التي تتحكم في التليفزيونات ومستقبلات الأقمار الصناعية ومكيفات الهواء والأجهزة المنزلية المختلفة.
ومن أهم التطبيقات الرائعة لاستخدام آلات النطق الإلكترونية بكافة إمكانياتها تلك التطبيقات التي تقوم بإدراج آلات النطق الإلكترونية في الحزم البرمجية لبرامج قراءة شاشة الحاسبات الآلية أو الهواتف المحمولة أو برامج قراءة المستندات أو أي برامج لتحويل المحتوى الإلكتروني النصي إلى محتوى إلكتروني صوتي أو مسموع. والجدير بالذكر أن ذوي الإعاقات من المكفوفين لا يتسنى لهم استخدام الحاسبات الآلية ولا التليفونات المحمولة بأنواعها إلا عن طريق برامج تقرأ لهم النصوص والرسوم الواردة على شاشات هذه الابتكارات المبهرة ويعلمهم بحالات الكائنات الفاعلة أو النشطة على الشاشة. ولا ينقضي المقام بالحديث عن آلات النطق إلا بذكر برامج قراءة الشاشة والمستندات التي جعلت من الأدوات التكنولوجية أدوات وبرمجيات تعويضية ومعاونة تساعد المكفوفين باختلاف أدوارهم الاجتماعية على تأدية المهام المنوطة بهم، فالطالب المكفوف يستخدم الحاسب الآلي في الاستذكار وإعداد الأبحاث العلمية ويستخدم الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي المحمول لتسجيل كافة البيانات وكأنه يحمل مفكرة إلكترونية ومكتبة ومحبرة وساعة وتقويم وغير ذلك في آلة واحدة يحملها في جيبه.
وأخيرا وليس آخرا، يجب على كافة الجهات المعنية بتطوير آلات النطق والجهات المعنية بتفعيل دورها في حياتنا اليومية وضع فئة المكفوفين في الاعتبار عند الحديث عن أي محتوى صوتي وإن لم يكن المحتوى الصوتي خادما لهذه الفئة دون غيرها.
كتبه لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش