استأجر صديق لي كفيف شقة، وذهبت معه لاستلام مفتاحها من مؤجرها. ولم أذهب بغرض الترفيه بقدر ما أنني ذهبت مع صديقي لكي أساعده في اكتشاف الأشياء الأساسية بالشقة مثل كيفية التعامل مع صنابير المياه وأماكن مفاتيح الإضاءة التي نستخدمها لتشغيل أو إطفاء المصابيح الكائنة بالشقة. ما أن فرغنا من التعرف على كل ما يود صديقي معرفته حتى تبين لنا أن الشقة تحتاج لمفتاح إضاءة جديد لمصباح أراد صديقي وضعه أمام باب الشقة من الخارج لكي يضيء السلم. نصحته باستجلاب كهربائي لكي يقوم بهذا العمل وقد فعل. مرت الأيام وذهبت لصديقي في شقته وكان الوقت متأخرا ليلا، وكان المصباح الموجود أمام الشقة غير عامل، أنا نظري يكاد يرى الضوء والاتجاهات ولكني لم أفقده لتوي بدليل أنني رأيت مصباح آخر مضيئ في الطابق التحتي! فتح لي صاحبي الكفيف الباب، واستقبلني، فلما كان نجلس سويا أخبرته بأن يضيئ المصباح الكائن خارج الشقة ليلا، فقال لي أنه يضيؤه بالفعل، وقام فوجج المفتاح عامل، فقمت خلفه لأجد أن الضوء غير عامل فاستخدمت المفتاح الذي أكد على عمله صاحبي لأنير المصباح فأنرته بالفعل. فتحسس صاحبي المفتاح فوجده على عكس ما كان يضيئ النور قبل ذلك! إن المفتاح يتحرك لأعلى ليقف عن العمل ولأسفل ليعمل، بخلاف باقي مفاتيح الإنارة بالشقة! آه! فهمت! عامل صاحبي المفتاح الجديد كما تعود مع بقية المفاتيح في الشقة، الكهربائي لم ينبه على صاحبي أن هذا المفتاح يعمل هكذا ويتوقف عن العمل هكذا! فظل صديقي يسترجع بذاكرته مواقف شتى لبائع اللبن الذي طلب من صاحبي يوما أن يطفئ النور وصاحبي يستغرب "لقد أطفأته لتوي" آه آه. استرجع الكثير من المواقف المضحكة المبكية، كل ذلك لأن الكهربائي لم يلزم النظام المعمول به في الشقة.
لما خرجت من عند صديقي فكرت كثيرا: "من المخطئ" والإجابة دائما: "لا أحد" فالكهربائي قام بعمله دون أن يلتفت لجودة أو نظام وهذا واقع مجتمعنا بالكامل، وصديقي لا يمكنه رؤية الضوء، ولا يمكن له أن يستجلب أحدا عند كل جديد في شقته، إذن: "فلا خطأ" فما الخطب؟ الأمر كله يمكن أن ينضبط بمجرد أن يؤكد صاحبي على الكهربائي أن يلزم نظام الإضاءة المعمول به داخل الشقة بدلا من أن يتكبد صديقي معاناة دفع فاتورة كبيرة لما ترك النور طول النهار يعمل، وأطفأه بالليل!
نشَرها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش