هل تمثل التكنولوجيا نافذة لفرصة عمل حقيقية للمكفوفين؟
قبل انتشار تعليم الحاسب الآلي للمكفوفين بدأً من عام 1996، كانت الوظائف المعروفة التي يمكن للكفيف العمل بها محدودة للغاية، فهو إما موظف حكومي يذهب لتقاضي راتبه كل شهر من المؤسسة الحكومية التي يعمل بها بغير عمل حقيقي يقوم به (تبعا لقانون العمل 5%)، أو مدرس أو موسيقار أو مقيم شعائر وإمام مسجد، أو مهني (أي أنه يجيد حرفة معينة مثل النجارة أو التعبئة والتغليف). ولم يكن من هذه المهن والوظائف سوى مهنة المعلم التي ينظر لها بتوقير في المجتمع، وقل أن تجد مترجما هنا أو هناك، وندر أن تجد محاميا أو أستاذا جامعيا هنا أو هناك.
اختلف الأمر كثيرًا بعد انتشار الكمبيوتر والبرامج الناطقة للمكفوفين، فصار من الممكن للكفيف أن يعمل في مجالات عديدة، وهذه المرة يعمل الكفيف في مجالات تحظى باحترام الكثيرين، كأن يعمل الكفيف في مجال التدريب على تكنولوجيا المعلومات، أو صيانة الحاسبات الآلية والشبكات، أو إدارة المشروعات، أو التسويق الإلكتروني، أو تصميم وتطوير مواقع الإنترنت، أو كتابة البرامج، أو تحليل النظم، أو اختبار النسخ التجريبية للبرامج، أو الكتابة الفنية لتوصيف البرامج ... وغير ذلك من وظائف سهل للمكفوفين من خلال الحاسبات الآلية الخوض فيها بسهولة والتفوق في بعض الأحيان على أقرانهم الأسوياء.
قد لا يستطيع الكفيف أن يعمل كاتبا للمستندات على الحاسب الآلي في مكاتب تصوير وطباعة المستندات كأي مبتدئ بسيط، ولكن بإمكانه أن يقوم بأغلب أعمال صيانة الحاسبات في إحدى الشركات المحترمة، وقد لا يمكنه القيام بتصميم رسوم متحركة (graphics) ولكنه قد يصمم موقعا كاملا بمساعدة البرنامج الناطق لشاشة الحاسب الآلي! وبالتالي يمكنه العمل لدى أي شركة تعمل في هذا المجال وإثبات ذاته وكسب الدخل الذي يطمح في تحقيقه.
ومع اختلاف الهيكل العام لتشغيل المكفوفين في البلاد المتقدمة، إلا أننا لم نستلهم العبرة بعد في الإيمان بدور المكفوفين وتمكينهم من أن يصبحوا فئة منتجة في المجتمع، وهو ما سيعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالفائدة الكبيرة، فإننا عندما نتحدث عن تشغيل المكفوفين فإننا نصارع وحشين:
- الأول يتمثل في التواكل والكسل والتخاذل في تأدية الواجب القومي تجاه المجتمع بزيادة الإنتاج من قِبل المكفوفين أنفسهم.
- والثاني يتمثل في رفض وتخاذل أصحاب الأعمال تشغيل المكفوفين وإعطائهم الفرص الجادة في المشاركة في دفع عجلة التنمية.
كتبها لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش