تعتبر النوافذ والشرف في أي مبنى أو مسكن منفذا رائعا قد لا يمكن الاستغناء عنه فهي مصدر الهواء النقي والضياء الجلي، ولكم كان لها دور في حياة البشر مذ عرفها الإنسان. وعلى الرغم من تنوع التصميمات التي يتم بها إغلاق النوافذ إلا أن هناك نوعان رئيسيان من الأبواب التي تحجب الضوء والهواء ويتم إغلاق النافذة من خلالها، وهذان النوعان يتمثلان في ضُلَف متحركة على مفصلات للداخل أو للخارج، أو ضُلَف تتحرك على جرار تذهب يمنة ويسرة أو تذهب لأعلى أو لأسفل من أجل فتح أو إغلاق النافذة. فأي النوعين يا ترى أكثر ملاءمة للمكفوفين وأيهما أفضل في الاستخدام؟
بينما كنت في مراحل التعليم المختلفة كنت ألاحظ أنه كثيرا ما يتعرض التلاميذ والطلاب المكفوفون من زملائي للارتطام بضُلَف الشباك المفتوح التي كانت من الحديد مما كان يتسبب في سقوطهم على الأرض ألَما أو التسبب في جرح غائر إن كانت اللطمة عنيفة! وعلى الفور كان المسئولون يؤدون ما يجب من إسعافات أولية أو نقل الحالة إلى المستشفى إن لزم الأمر، ولكن أحدا لم يأبه للسبب الحقيقي الذي تسبب في جرح أو ألم المصاب. ولأن التعنيف واللوم للمصاب كانا الأسلوب الأمثل لإبراز إهماله والتخلي عن المسئولية تجاه التلاميذ المقيمين بالقسم الداخلي للمدرسة، كان التلميذ غالبا ما يلجأ إما للكذب على المشرف ولا يخبره بحقيقة الارتطام بالضُلَف المعوقة في طريق سيره أو جريه، أو الكذب لألا يبدو قليل الحيلة بفقدانه لبصره أمام مشرفه وأقرانه، وهذا السبب الأخير كان كافيا لأن يتجاهل الكثيرون من التلاميذ المكفوفين آلامهم بسبب الاصطدام بباب غير معتدل الفتح أو الغلق، أو الاصطدام بعمود من أعمدة المباني أو بضلفة شباك مفتوحة بشكل غير ملائم لحركة المكفوفين. وعلى الرغم من أن أحدهم قد لا يصطدم بباب في منزل أسرته أو ضلفة شباك من بيته، إلا أن السبب في ذلك لا يرجع لكونه يرى هذا الباب أو ذاك، وإنما هو التعود الذي لزمه في البيت وقلة أفراد الأسرة عن مجموع تلاميذ المدرسة الذين قد يحرك أحدهم إحدى هذه الضلف ثم يأتي آخر للارتطام بها بغير قصد من الأول في أن يتسبب في إيذاء زميله وبغير قصد من الثاني أن يبدو على صورة لا يحبها بأن يرتطم في ضلفة النافذة.
ماذا لو تأسست مدارس المكفوفين والمؤسسات العامة بوجه عام على أسس تصميمية ملائمة لارتياد المكفوفين لها؟ ماذا لو كانت ضُلَف النوافذ المثبتة في الأماكن العامة تمشي على جرارات أفقية أو رأسية لكي لا تعوق حركة المرور ولكي لا تتسبب في أذى البشر؟
هناك وسائل عديدة للتصميم الداخلي للمنشآت تجعل من المباني أماكن غاية في الآدمية، وقد لا يقف الأمر عند التصميم الداخلي فهو لا يكفي إن افتقر الناس للسلوكيات المحترمة التي تسعد الآخرين وتساعدهم على العيش في جو مناسب للعطاء والإنتاج. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي النوافذ الملائمة لاستخدام المكفوفين؟ هل هي تلك النوافذ التي لها ضُلَف متحركة في خارج إطار النافذة؟ أم هي التي تشتمل على مجرى تجري فيه الضُلَف لمنح حياة أكثر أمانا للمكفوفين وغيرهم من الأفراد؟
كتبه لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش