بات الحديث عن دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حياة الإنسان أمر يدعو للدهشة، فما عاد الحديث عن الحاسب الآلي بالأمر الغريب أو المدهش، بل إن كثرة الحديث عن المجالات التكنولوجية ودورها صار باعثا على السأم إلا أن تكون هناك فكرة جديدة أو خبرة مضافة للقارئ في هذا المضمار.
لقد صار الحاسب الآلي بأحجامه المختلفة والهاتف المحمول بإمكانياته المبهرة سببا في حياة جديدة يعيشها كل داخل إلى هذا المجال، إذ أن الحاسب الآلي لم يعد يقبع في المنزل كما كان حاله من سنوات قلائل بل صار من اليسير حمله في حقيبة يد صغيرة، ولم يعد التليفون المحمول وسيلة للاتصال والتواصل فحسب بل صار مفكرة آلية وساعة جيب وحافظة معلومات من كل نوع، بل صار الحديث عن الخدمات التي تؤديها أدوات تكنولوجيا المعلومات أمر لا يمكن توقعه أو التنبؤ به. فأضحى المعلم يستعين بالحاسب الآلي في إعداد ملازم الدروس وتحضير الحصص، وصارت الإنترنت وسيلة تعليمية وتثقيفية ومصدر عالمي للحصول على التدريب والتعليم والشهادات الدولية المعتمدة، كما صار الحاسب الآلي بما يحوي من برمجيات ملاذا لكل طفل يبغي اللعب، وملاذا لكل كاتب يريد نشر فكره للعالم عبر الإنترنت، ومنفذا لكل بائع يريد التوسع في بيع منتجاته، ومرتعًا لكل هاوٍ أو محترف في مجال تكنولوجيا المعلومات، فما من فرد إلا وصار الحاسب له طوعا إما بمساعدته في القيام بأعماله الخاصة بمجال تخصصه، أو بجذبه إلى التفوق في مجال تكنولوجيا المعلومات ذاته. فالطبيب الماهر في عمله والذي يتقن الحاسب الآلي يمتلك زمام المعرفة الحديثة عن نظيره التقليدي الذي لا يمتلك هذه الأداة الفائقة، وعلى هذا قس المعلم، والمهندس، والتاجر، والحرفي، وكافة المهن والحرف الممكنة والمتوقعة.
ومن الفوائد الجمة التي عادت على بني البشر من صناعة وتطوير مجالات تكنولوجيا المعلومات نطل على مجال التكنولوجيا التعويضية (adaptive technology) أو التكنولوجيا المعينة (assistive technology) وهي الأدوات التكنولوجية والحلول البرمجية التي تهدف لمعاونة ذوي الإعاقات في تحقيق مآربهم، فهذا برنامج ينطق الرسائل والنصوص الواردة على شاشة الحاسب الآلي وهذا برنامج يستكبر الشاشة ليعين ضعاف البصر على رؤية المحتوى الموجود عليها بشكل يسير، وهذه طباعة تقوم بترجمة الخط المرئي على شاشة الحاسب الآلي إلى خط مطبوع بالخط البارز على الورق المثقول لكي تعين المكفوفين على قراءة المواد المطبوعة، وهذا ماسح ضوئي يستغله المكفوفون أيضا في إدخال النصوص المطبوعة بالحبر إلى الحاسب الآلي لكي يتسنى لهم قراءتها، وهذا برنامج آخر يقوم بترجمة الأوامر الصوتية إلى أفعال يقوم بها الحاسب الآلي مما يفيد غير القادرين على تحريك أيديهم لاستخدام الوسائل التقليدية في التعامل مع الحاسب الآلي كذلك. ومما لا شك فيه أن كل هذه الوسائل وغيرها الكثير مما سنبادر بعرضه من خلال هذا البحث يقدم يد العون لكل صاحب إعاقة أو صاحب حاجة ويعين مستخدمه على أداء مهام وأدوار حياته بشكل استقلالي غير مسبوق، ومع ذلك فإن قطاع التصنيع العربي وقطاع تكنولوجيا المعلومات العربي وقطاع طب العيون والآذان والعظام وغيرها ممن لهم دور في تشخيص المرض من الإعاقة لا يكادون يدركون أهمية هذه الأدوات ولا هذه الحلول البرمجية وربما لم يسمعوا عنها شيئا، وإننا لنعجب أن يعود لنا أساتذة الطب والعلوم الحاسوبية من الخارج وقد امتلأت حلوقهم بالحديث عن المستحدثات التقنية في مجالات تخصصاتهم ولا يكادون يذكرون ما نعرفه من أدوات وبرمجيات معينة!
ساحة النقاش