تطورت المفاهيم الخاصة بذوي الإعاقة بتطور العلم الحديث وابتكار أدوات بديلة تعين صاحب الحاجة على قضاء حاجته، ففي وقت مضى كانت التقنيات الحديثة الخاصة بذوي الإعاقة يطلق عليها اسم "التقنيات البديلة أو التقنيات التعويضية" (adaptive technology) وفي مرحلة تسبقها كان مصطلح "التقنيات المساعدة" (enabling technology) هو السائد، أما الآن وقد بات الحديث عن التقنيات المعينة بما فيها من أدوات وبرمجيات فلا يخلو حديث عن ذوي الإعاقة ومجالات تأهيلهم إلا وصار للتقنية الحديثة دور فيه. ولهذا فإن التقنيات المعينة تشمل أية تقنيات تساعد ذوي الإعاقة بدأا من قلم الحبر المطور والعصاة البيضاء النابضة إلى الأنظمة البرمجية الحديثة التي لا تقتصر على الحاسبات الآلية وطابعات الخط البارز والبرامج الناطقة، وإنما تمتد لتشمل أنظمة المصاعد الناطقة والغسالات والثلاجات ومقاييس درجات حرارة الجو ودرجة حرارة الجسد البشري والميزان والساعات الناطقة وغيرها من الأدوات والبرمجيات التي تقدم يد العون للمكفوفين أو ضعاف البصر أو أي من الفئات الأخرى من ذوي الإعاقات أو تمكنهم من تأدية مهامهم الوظيفية أو القيام بأدوارهم الحياتية بغير مشقة أو حاجة لمرافق أو معين بشري.
وما من شك في أن التقنيات المعينة ليست إلا نتاجًا لتقدم مجالات شتى من مجالات البحث العلمي والمعملي والتقني، فما من برنامج معين أو أداة معينة إلا ووراءها جيش حاشد من العلماء الأفذاذ والمطورون البارعون ورجال الأعمال النابهون الذين يعرفون قيمة العلم ويقدرون مدى قوة وفاعلية هذه الفئة التي يستثمرون أموالهم من أجل تنميتها. ولنضرب في هذا الصدد مثالا بأحد البرامج الناطقة التي تقرأ المحتوى الإلكتروني لشاشة الحاسب الآلي أو الهاتف المحمول، فهذا البرنامج ما كان ليخرج للنور أو يعرف طريقه لأذن المكفوفين إلا بعد أبحاث لغوية صوتية وصرفية ودلالية ونحوية، ثم أبحاث علمية حاسوبية لغوية تقوم بصياغة القواعد المنطقية في صورة رقمية يدركها الحاسب الآلي، ثم تأتي أبحاث العلاقة النفسية ما بين الكفيف والحاسب الآلي حتى تنتج لنا سبل توظيف المفاتيح المختلفة لتأدية وظائف بعينها فضلا عن غيرها، ثم يأتي دور الشركة المنتجة للبرنامج بفريقها الكبير من المبرمجين والمحللين والمسوقين والمختبرين للبرنامج، ثم يأتي دور فريق التطوير في البرنامج والعمل على تحديثه، ثم دور المدربين على السبل المثلى لاستخدام البرنامج، ثم يأتي دور المستخدمين النابهين في توظيف كافة هذه الإمكانيات في خدمة احتياجاتهم واحتياجات أقرانهم. وهكذا تدور الدائرة وتبرز الصور التطبيقية للعلوم البحتة باستخداماتها وإفادتها للبشر. وعلى ذلك، لا تقتصر منظومة خدمة المكفوفين على القائمين على تأهيلهم وتدريبهم وتعليمهم، وإنما تشمل كذلك أطباء الرمد الذين يقفون عند الجانب العلاجي أو العضوي للعين وكذلك المهندسون والمبرمجون الذين يبحثون عن حلول برمجية أو أدوات معينة لمساعدة هذه الفئات وغير ذلك من أفراد منظومة خدمة المكفوفين.كتبه لكم: وائل زكريا
ساحة النقاش